كيف تساهم المبادرات العالمية الرائدة في تحديد استراتيجية الطاقة المتجددة لصندوق الاستثمارات العامة

رؤى عالمية مع الصندوق
03 أكتوبر 2024 الرياض، المملكة العربية السعودية

ترتبط عجلة النمو الاقتصادي بتوافر طاقة أكثر موثوقية وبأسعار معقولة، ولا تقتصر أهمية الطاقة على التصنيع فحسب، بل تحدد كذلك نمط الحياة الحديثة وتخفف من حدة الفقر. 

 

وتدعم الطاقة المتجددة في عالمنا سريع التغيّر، تعزيز إمدادات الطاقة وخفض التكاليف، إلى جانب الحد من التأثير البيئي، والتوفير المستدام للكهرباء والمياه.

 

وجدت الوكالة الدولية للطاقة أن الطاقة النظيفة أضافت حوالي 320 مليار دولار (10% من نمو الناتج المحلي الإجمالي) للاقتصاد العالمي في عام 2023.  

 

وتركز المملكة العربية السعودية، الرائدة في مجال الهيدروكربونات، على إنتاج الكهرباء النظيفة من الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وتحلية المياه، والهيدروجين الأخضر المدعوم بالكهرباء النظيفة؛ بهدف تنويع اقتصادها وتنميته، إلى جانب تحقيق الأهداف البيئية وتحسين الموثوقية، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030. 

 

 

ويولي صندوق الاستثمارات العامة، أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم والذراع الاستثماري لرؤية السعودية 2030، أهمية بالغة لقطاع المرافق والطاقة المتجددة باعتباره قطاعًا استراتيجيًا، إضافةً إلى مساهمته في دعم مبادرة السعودية الخضراء، والبرنامج الوطني للطاقة المتجددة التابع لوزارة الطاقة.

 

كما وتتضمن أهداف الصندوق تطوير 70% من قدرة الطاقة المتجددة في المملكة ليحوز بهذا النهج السبق بوصفه ضمن المبادرات العالمية الرائدة.

 

المشاريع الكبرى: مشاريع متناغمة 

يتفرد صندوق الاستثمارات العامة في كونه أول صندوق ثروة سيادي يبني مشاريع كبرى كمجموعة استثمارية، وتعمل هذه المشاريع على تحفيز نمو الصناعات الرئيسة على نطاق هائل من خلال التعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية والابتكار.

 

كما تعتبر "نيوم"، أول مدينة في العالم تعتمد بشكل كامل على الطاقة المتجددة، مستفيدة من وفرة الأشعة الشمسية وسرعات الرياح العالية. 

 

وسيتم التركيز على عنصر الاستدامة من خلال نظام المياه في نيوم، حيث تتم عملية تحلية المياه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وإبقاء مياه الصرف الصحي خارج البيئة (الامتناع عن تصريف السوائل)، ومعالجة المياه المالحة؛ لاستخدامها في الأغراض الصناعية. 

 

وتعمل "نيوم" على تطوير أكبر مشروع للهيدروجين "الأخضر" في العالم، والمزمع إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي القائم على مصادر الطاقة المتجددة.

 

تعني تكاليف إنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة في المملكة أن شركة نيوم للهيدروجين الأخضر، وهي نتاج تحالف الشركات الثلاث، وهي "نيوم"، و"أكوا باور" التي يمتلك صندوق الاستثمارات العامة حصة فيها، وشركة "إير برودكتس"، التي ستكون قادرة على إنتاج ما يقارب 600 طن من الهيدروجين الأخضر يوميًا بتكلفة معقولة، والذي سيحول إلى 1.2 مليون طن سنويًا من الأمونيا الخضراء (متجنبةً عيوب التخزين والنقل) للتصدير العالمي، وخفض نسبة الكربون.

 

 

كما وتعمل شركة "إينوا" للطاقة والمياه والهيدروجين، إحدى الشركات التابعة لمشروع "نيوم"، على تطوير الهيدروجين واستكمال الرحلة من خلال تسريع نشر الحلول من المختبر مباشرةً إلى السوق.

 

وبالتطرق إلى المشاريع الكبرى للصندوق لا يسعنا إغفال ذكر مشروع "البحر الأحمر"، حيث يضم أرخبيلاً مكون من 22 جزيرة، ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع الفاخر الذي تشرف عليه شركة البحر الأحمر الدولية، في الحد من الانبعاثات الكربونية بنحو نصف مليون طن سنويًا.

 

ويجعل الابتكار من شركة البحر الأحمر الدولية نموذجًا للسياحة المتجددة، إذ أطلقت الشركة بالتعاون مع شركة زين السعودية أول شبكة 5G خالية من الكربون في العالم العام الماضي.  كما يعد التوطين عنصراً أساسياً لتحقيق المرونة في سلاسل الإمداد، ويساهم صندوق الاستثمارات العامة في توطين إنتاج 75% من المكونات المستخدمة في مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة العربية السعودية بحلول عام 2030.

 

إنشاء مشاريع الطاقة وتمويلها

تراعي استراتيجية الصندوق النمو المتسارع الذي تشهده المملكة إلى جانب قطاع النفط والغاز، ومن المتوقع دخول اتفاقيات شراء الطاقة الأخيرة لثلاثة مشاريع جديدة للطاقة الشمسية الكهروضوئية 5500 ميجاواط إلى خدمة الشبكة الوطنية بحلول عام 2027. 

 

وتتعاون شركة "أكوا باور"، التي يمتلك صندوق الاستثمارات حصة فيها،  وشركة المياه والكهرباء القابضة (بديل)، إحدى شركات محفظة الصندوق، وشركة أرامكو السعودية للطاقة في إطار استثمارات تتجاوز 3 مليارات دولار لإنشاء مشروعات “حضن"، و"المويه"، و"الخشيبي"، وتمثل هذه المشروعات جنبًا إلى جنب مع مشروعات "سدير"، و"الشعيبة 2"، و"الرس 2"، و"الكهفة"، و"سعد 2" ما يقارب 13.6 جيجاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية بواقع استثمارات تزيد عن 9 مليارات دولار. 
سيكون مشروع "الشعيبة 2" الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، ويتوقع لمشروع سدير خفض الانبعاثات بمقدار 2.9 مليون طن سنويًا.
افتتحت شركة "أكوا باور" في عام 2023 مشروعها المتكامل لتحلية المياه بالطاقة الشمسية الكهروضوئية في الجبيل بقدرة إنتاجية تبلغ 600 ألف متر مكعّب من المياه المحلاة يومياً. 

 

وسعيًا لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة للمشاريع الضخمة، توفر شركة تبريد السعودية، إحدى شركات الصندوق، للعملاء حلول تبريد المناطق التي تتميز بالكفاءة في ترشيد استخدام الطاقة والموارد. 

 

ساهمت الشركة الوطنية لخدمات الطاقة (ترشيد)، المملوكة بالكامل للصندوق، في تحفيز تطوير قطاع خدمات الطاقة في المملكة، وتساهم استثمارات ترشيد في تحسين خدمات كفاءة الطاقة بالفعل في توفير ما يقارب من 5 ملايين ميجاواط/ساعة من استهلاك الكهرباء وحوالي 3 ملايين طن من الانبعاثات المصاحبة سنويًا. 

 

وتواصل الشركة السعودية للكهرباء، والتي يمتلك الصندوق حصة كبيرة فيها، استثماراتها التوسعية في البنية التحتية لنقل وتوزيع الكهرباء التي تخدم المملكة، وستضمن هذه الاستثمارات في الشبكات الكهربائية التكامل الناجح لأكثر من 100 جيجاواط من سعة الطاقة المتجددة المستهدفة للبناء في المملكة العربية السعودية بحلول عام 2030، وضمان مرونة النظام واستقراره مع تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء عبر مجموعات المستهلكين المتنوعة ومنهم مراكز البيانات والمركبات الكهربائية وقطاع الصناعة والعملاء التجاريين واحتياجات الأسر.

 

 

تطوير المحتوى المحلي

يسهم توطين الصناعات الرئيسة في دعم مرونة سلسلة الإمداد ونمو الناتج المحلي الإجمالي وتوظيف العمالة الماهرة وتعزيز الفوائد الاقتصادية على نطاق واسع، ومنها تعزيز توازن ميزان المدفوعات وتنويع الصناعة، وتماشيًا مع هذه الأهداف، يدعم الصندوق التصنيع والتجميع المحلي لمعدات توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية. 

 

دخلت شركة توطين الطاقة المتجددة، المملوكة من الصندوق، مؤخرًا في العديد من المشاريع المشتركة في التصنيع: مع شركة "إنفيجن للطاقة" وشركة "رؤية للصناعة" (لتصنيع وتجميع توربينات الرياح والشفرات والهياكل)؛ ومع شركة "جينكو سولار" وشركة "رؤية للصناعة" (لإنتاج الخلايا ووحدات الطاقة الشمسية الكهروضوئية)؛ ومع شركة "تي سي إل تشونغ هوان لتكنولوجيا الطاقة المتجددة" وشركة "رؤية للصناعة" (لإنتاج السبائك والرقائق المستخدمة في تصنيع ألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية).

 

وتشمل الشركات الأخرى في محفظة شركات الصندوق التي تركز على الاستدامة شركة (سير) لصناعة السيارات الكهربائية، وشركة البنية التحتية للسيارات الكهربائية التي تعمل على تجهيز البنية التحتية للشحن السريع للسيارات الكهربائية في جميع أنحاء المملكة. 
و من خلال إطار عمل التمويل الأخضر التابع للصندوق، أصدر الصندوق أول سندات خضراء تصدر من الصناديق السيادية العالمية (بقيمة 3 مليارات دولار) في سوق الأوراق المالية الدولية مما يوفر حوافز نقدية للمبادرات البيئية.
وبالإضافة إلى ذلك، سجلت شركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية المملوكة للصندوق رقماً قياسياً حيث نظمت أكبر مزاد طوعي لإصدار أرصدة الكربون في العالم، وتعد شركة معادن للتعدين، التي يمتلك الصندوق حصة كبيرة فيها، شريكاً رئيسياً لشركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية، وتلتزم بخفض الانبعاثات الكربونية بما يزيد على 600 ألف طن سنوياً. 

 

مستقبل مستدام

يعد توظيف الإمكانات الطبيعية التي تتمتع بها المملكة لتنمية قطاع المرافق والطاقة المتجددة ركيزةً أساسيةً في الحد من انبعاثات الكربون في المملكة لدفع عجلة النمو الاقتصادي وزيادة العوائد المالية. 
يساهم النهج الشامل الذي يتبعه الصندوق، والذي يتبنّى القطاعات منخفضة الكربون وخالية الكربون والتقنيات المبتكرة، في تحقيق الفوائد للأجيال القادمة.

 

لمعرفة المزيد، شاهد لقاءاتنا مع  القادة والخبراء في المجال وحديثهم عن استثمارات صندوق الاستثمارات العامة ودورها في مستقبل الطاقة المتجددة.