- يعد مشروع محطة سكاكا المستقل للطاقة الشمسية الكهروضوئية أحد الاستثمارات التي تعمل عليها شركة “أكواباور” بمنطقة الجوف شمال المملكة بالشراكة مع صندوق الاستثمارات العامة
- سيُسهم التحول إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة في تحقيق أهداف المملكة للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060
- يعمل الصندوق على تطوير 70% من مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة بحلول عام 2030
تعد عملية التحول من استخدام الوقود الأحفوري إلى بدائل طاقة نظيفة وموثوقة وبأسعار معقولة من أحد التحديات التي يواجها العالم في الوقت الحالي، ومن هذا المنطلق يعمل صندوق الاستثمارات العامة في المملكة على تمويل أحد المشاريع الضخمة للطاقة الشمسية لشركة "أكواباور" لتصبح المملكة رائدة عالميًا في عملية التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة.
كما يساهم صندوق الاستثمارات العامة في حماية البيئة، حيث يهدف لاستثمار ما يقارب 10مليار دولار في المشاريع الخضراء بحلول عام 2026، كجزء من محفظته الاستثمارية المتنوعة والتي تشمل كذلك الاستثمار في قطاع النفط والغاز.
من جانب أخر، نشرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقريراً سلطّت الضوء فيه على أهم الخطوات التي يجب اتباعها للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية. ولهذا السبب، تعمل المنظمات والمؤسسات العالمية على توجيه جهودها نحو خفض الانبعاثات الكربونية، وإيجاد حلول مستدامة لحماية البيئة وعدم إلحاق الضرر بها.
تحول الطاقة
يشهد قطاع الطاقة في الآونة الأخيرة تغيرات كبيرة تجاه التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، ويعمل على مواكبة هذه التغيرات وإيجاد الحلول التي تساعد في تسريع عملية التحول.
وعلى الرغم من أن المملكة تعد أحد أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، كما تحتل المرتبة العاشرة للدول المصدّرة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتأتي في مقدّمة دول العالم من حيث احتياطيات النفط، إلاّ أنها تسعى للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060 وهذا يؤكد على ولادة عصر جديد من الاستثمار في الطاقة المتجددة ويعزز من عملية تحول الطاقة.
محطة سكاكا
يعد مشروع محطة سكاكا المستقل للطاقة الشمسية الكهروضوئية في منطقة الجوف بشمال المملكة، أحد الاستثمارات التي تعمل عليها شركة أكواباور. وهي شركة سعودية رائدة يمتلك صندوق الاستثمارات العامة حصة فيها، ومقرها مدينة الرياض وتبلغ القدرة الإجمالية لمحفظة مشاريعها في الطاقة المتجددة ما يقارب 15.6 جيجاواط. كما تقدم حلول هندسية مبتكرة لرفع كفاءة الأداء بأقل التكاليف.
وتبلغ سعة المحطة 300 ميجاواط، وتعد أول محطة للطاقة المتجددة على مستوى المرافق في المملكة. كما ويعد هذا المشروع باكورة مشاريع تعتزم المملكة إنشائها ضمن برنامج وطني طموح للطاقة المتجددة والذي يستهدف إنتاج 9,5 جيجاواط من الطاقة المتجددة.
ويرى الرئيس التنفيذي التقني لشركة أكواباور، بارت بوزمانز، أهمية هذا المشروع وكيف سيُسهم في رسم خارطة طريق المستقبل. وأضاف: "لا يمكن تحقيق تحول الطاقة بدون تفعيل مصادر الطاقة المتجددة، حيث تحتاج الطاقة الشمسية إلى أربعة مكونات رئيسية: الكثير من أشعة الشمس، وأيضًا مساحة شاسعة من الأرض، لأنها تتطلب مكان واسع. بالإضافة إلى تمويل جيد وقوى عاملة، وكافة هذه العوامل متوفرة في المملكة. ونحن الآن نعمل على تحقيق مشاريع الطاقة الكهروضوئية بتكلفة لم نكن حتى نحلم بها قبل 10 أو 15 عاماً".
كما ساهمت الابتكارات التقنية في دفع عجلة التغيير، وقال بارت بوزمانز بهذا الخصوص، "إذا نظرنا إلى الهواتف الذكية، سنرى أن تزايد استخدام الهواتف الذكية وعدد الأشخاص الذين يقتنونها، مما ساهم في انخفاض أسعارها وانتشارها. وهذا ينطبق على مصادر الطاقة المتجددة، حيث سيساهم استخدامها في تقليل تكلفة الكهرباء بشكل عام. ومن السهل التفكير في أن الطاقة الشمسية عبارة عن تقنية بسيطة، ولكن مع نمو قطاع الطاقة، تقل التكلفة ويرتفع الأداء، حيث نشهد في الوقت الحالي الكثير من التقدم في التقنية الدقيقة للخلايا الشمسية".
وأخيراً، كشف تقرير وكالة الطاقة الدولية بعنوان "الحياد الصفري بحلول 2050" عن أهمية إنشاء محطات الطاقة الشمسية للتخفيف من التحديات المناخية، وقد يتطلب ذلك إنشاء محطتين كبيريتين للطاقة الشمسية بشكل يومي لتحقيق هدف الطاقة العالمي في الوصول إلى الحياد الصفري.
الاستثمار في الابتكار
تسعى شركة " أكوا باور " إلى اكتشاف طرق جديدة لتحسين الكفاءة التشغيلية، وتقوم بتجربة أحدث التقنيات الكهروضوئية، كما تهدف إلى زيادة إنتاج ورفع كفاءة الألواح الشمسية عن طريق تحويل الإشعاع الشمسي إلى كهرباء، وقامت باستخدام تقنيات جديدة مثل محولات السلسلة المبردة والألواح ثنائية الاتجاه التي تنتج الكهرباء حتى من الضوء المنعكس على الجزء الخلفي من الألواح.
وحالياً تعمل الشركة على تطوير الروبوتات لتنظيف الألواح، واستخدام التعلم الآلي لرفع إنتاج كل محطة للطاقة الشمسية. ونظرًا لأن الصحاري تشكل جزء كبير من أراضي المملكة، فمن المهم الحفاظ على الألواح الشمسية نظيفة من الرمال والغبار حتى تعمل بكفاءة عالية، كما عملت الشركة على تطوير نظامًا آليًا لمعرفة وقت تنظيف الألواح باستخدام التعلم الآلي والتحليلات التنبؤية.
وقال محمد البليهد، مدير قطاع الطاقة والمرافق في صندوق الاستثمارات العامة، " تستقبل المملكة 12 ساعة من الشمس يومياً، ولديها مساحات شاسعة من الأراضي المتاحة، وتتمتع ببنية تحتية متطورة، وهذا يعني أن بإمكانها أن تنتج طاقة متجددة ذات قيمة جيدة. كما أن المملكة تمتلك إمكانات هائلة لموارد الطاقة المتجددة، وليس النفط فقط".
مستقبل مزدهر
تهدف أكواباور من خلال محطة سكاكا للطاقة الشمسية إلى المساهمة في تحقيق هدف المملكة في توليد 50% من إجمالي الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. وأضاف محمد البليهد، "وضع صندوق الاستثمارات العامة أهدافاً طموحة وحلولاً مستدامة لقطاع المرافق الخدمية والطاقة المتجددة، أحد القطاعات التي تضمنتها استراتيجية الصندوق، حيث يعمل على تطوير 70% من مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة بحلول عام 2030".
كما تخطط المملكة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتشير الألوان الشائعة الاستخدام عادةً إلى وسائل الإنتاج، وعلى عكس اللون الرمادي أو الأزرق، فإن الهيدروجين الأخضر عبارة عن وقود خالي من الكربون، حيث يتم تصنيعه باستخدام الكهرباء من مصادر متجددة تعمل على تقسيم جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين.
بالإضافة إلى ذلك، ترى "أكواباور" فوائد كبيرة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وعلى الرغم من التحديات التقنية للنقل والتخزين، إلاّ أن المملكة تمتلك كل المقوّمات الجغرافية اللازمة لتوسيع إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث سيساهم وجود الأراضي الوفيرة وإمكانات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والموقع القريب من السواحل للاستفادة من المياه وتقسيمها إلى هيدروجين، بالإضافة إلى وجود البنية التحتية والتمويل الجيد والخبرة الهندسية في إنتاج الهيدروجين الأخضر في المملكة.
وقامت شركة "أكواباور" بالتعاون مع شركة "إير برودكتس – Air Products" ونيوم بتأسيس شركة "نيوم للهيدروجين الأخضر" لإنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم. وقال بارت بوزمانز، "تجاوز إجمالي الطلب على الهيدروجين في العالم 80 مليون طن من الهيدروجين، وتمتلك المملكة جميع المقومات لإنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة وتصديره إلى الدول الأخرى ".
مضيفاً، "في هذا المشروع يتم تحويل الهيدروجين الأخضر إلى أمونيا لشحنه ونقله بكفاءة عالية إلى الأسواق الدولية، ويتم تحويل الأمونيا مرة أخرى إلى الهيدروجين. ويساهم التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة في تحقيق أهداف المملكة للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060، كما سيساهم في جعل المملكة أيضًا عاملاً ممكناً لتحول الطاقة في الدول الأخرى التي تمتلك مصادر أقل للطاقة المتجددة".
تتمتع المملكة بموقع جغرافي ومناخي متميز يجعل الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة أمرًا مجديًا اقتصاديًا وداعمًا لجهودها في مجال تنويع مصادر الطاقة. ومن هذا المنطلق، يسعى صندوق الاستثمارات العامة للعمل نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030 من خلال استثماراته لدعم عملية تحولات الاستدامة البيئية.
تم إعداد المحتوى من "بي بي سي ستوري ووركس- BBC StoryWorks" لصندوق الاستثمارات العامة